No Script

أصبوحة

الحب في زمن كورونا

تصغير
تكبير

العنوان ليس سخرية أو تقليلاً من شأن المرض الذي يتفشى في العالم، لكني استحضرت فجأة رائعة الأديب الكولومبي الحائز على نوبل، غابرييل غارسيا ماركيز «الحب في زمن الكوليرا»، وهي حكاية شاب وشابة في عمر المراهقة، يتعاهدان على الحب والزواج، لكن الصبية تضطر للزواج من طبيب مرموق، وينتظر حبيبها فلورينتينو اريثا طوال خمسين عاماً من دون زواج، ويعمل خلال هذه السنوات على تحسين حياته لكي يليق بحبيبته، وبعد أن يموت زوجها الطبيب يحاول الحبيب التقرب من حبيبته القديمة، ثم يدعوها لقضاء إجازة على متن سفينته السياحية، وحتى يختلي بحبيبته يستغل انتشار وباء الكوليرا، ويرفع على سفينته علم الوباء الأصفر، فيهرب الركاب وتظل السفينة في مرواح ومجيء في النهر، لا ترسو أو تتوقف في الموانئ، لكي يحصل على مراده في استعادة الحب المفقود.
لقد استغل فلورينتينو وباء الكوليرا لكي يستعيد محبة فرمينيا، بعدما فقدها لخمسين عاماً، كما يستغل البعض مرض كورونا لأغراض سياسية وطائفية وتجارية وغيرها، فاستغل هذا المرض بشكل بشع ومقزز في التكسب الانتخابي، وتم استغلاله كذلك في تأجيج التعصب الطائفي، وهو في رأيي أخطر من المرض ذاته.
وكما يفعل تجار الحروب، في استغلالهم لمآسي وآلام شعوبهم في الإثراء، يهرع بعض التجار لاستغلال مشاعر الخوف عند الناس، فيرفعون الأسعار ويحتكرون البضائع، وينشرون إشاعات تبث الهلع عند الناس، حول نقص بضائع معينة، لكي يقبل الناس عليها، وكل ذلك من أجل الثراء على حساب مشاعر المواطنين.
وحتى بعض أطراف المعارضة من أجل المعارضة، يستغلون حتى الكوارث لمصلحتهم السياسية، ويصوبون سهام النقد من دون منطق سياسي أو علمي، فإن أهملت الحكومة على سبيل المثال الاستعدادات الاحترازية يتم انتقادها، وإن اتخذت إجراءات متشددة حيال الأمر، قالوا إنها بالغت في الإجراءات، وهدرت المال العام من أجل بضعة مرضى.
والغريب أننا في فترة الاحتفال بيوم التحرير، الذي كان بحق ثمرة لتلاحم الجبهة الداخلية، والتعالي على كل الخلافات والاختلافات، إنه اليوم الذي أثبت فيه الكويتيون، أنهم يتوحّدون في وقت الشدائد والملمات، فبدلاً من أن نستذكر ذلك في هذه المناسبة، نقوم وبتعمد بإضعاف جبهتنا وتلاحمنا وتعاوننا، من أجل مصالح خاصة تافهة، فوحدتنا وصمودنا أثناء الاحتلال، كان إحدى ضمانات التحرير.

osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي