No Script

لقاء / متخصصة بالصحة النفسية أكدت أن وعي المجتمع جعل المرض عادياً كأي عارض جسدي

زواج المريض نفسياً «طبيعي»... شرط المكاشفة

تصغير
تكبير



فاتن ميرزا:

أسباب الأمراض النفسية  متعددة منها الوراثي وما يصيب الإنسان نتيجة موقف حياتي

مجتمعنا منفتح وواعٍ  ما سهّل أمر التعامل مع الأمراض النفسية وعلاجاتها

المرض النفسي يختلف عن الإعاقة التي تبقى دائمة

لا يوجد علاجات تجعل المعاق يعود لحالته الطبيعية

الأمراض النفسية  لا يتم تشخيصها  من مرحلة الولادة  بل ما بعد سن البلوغ

واقع الزواج في الكويت  تغير عن السابق  من ناحية العمر وتعامل الزوجين مع بعضهما والمجتمع

ارتفاع نسب الطلاق  تعود لسوء الأخلاقيات وتقدير الاحتياجات وعدم الاحترام  بين الطرفين

وسائل التواصل الاجتماعي أثرت كثيراً في العلاقة بين الزوجين


لم يعد المرض النفسي عاراً أو حالة من العيب التي يخشى المصاب أو أهله من الاعتراف بها أو كشفها أمام الآخر، فوعي المجتمع جعل المرض النفسي كأي مرض جسدي يصيب الإنسان، ويعالج صاحبه ويشفى منه، عدا عن وجود بعض الحالات التي ينكر أصحابها الإصابة.
المتخصصة في الطب النفسي الدكتورة فاتن ميرزا التي تعمل في الوحدة النفسية الإكلينيكية بمركز الكويت للصحة النفسية، أكدت أن المريض نفسيا شخص مثل اي مريض بمرض جسدي، يعالج ويمكن إذا اتبع العلاج بشكل تام أن يشفى، ولا يمنعه المرض من الزواج وبناء حياة زوجية، بشرط مكاشفة الطرف الآخر بحقيقة الحالة. وضربت على ذلك مثالا ناجحا لمريض رغب في الزواج وتزوج وعاش حياة أسرية ناجحة.
وقالت ميرزا، لدى استضافتها في ديوانية «الراي» إن هناك فرقا بين المرض النفسي والإعاقة، وذلك لأن الثانية تبقى دائمة ولا يوجد علاجات تجعل المعاق يعود لحالته الطبيعية، بينما المريض النفسي له مستويات قد يكون درجة المرض بسيطة يمكن معالجتها إذا تدارك المرض في فترة مبكرة، ويمكن في بعض الحالات أن يأخذ المريض العلاج ليصبح مع مرور الوقت قادرا على الحياة بشكل طبيعي.
وفيما يتعلق بالشباب والزواج، تؤكد ميرزا أن الشباب قادر على الزواج، لكن طبيعة الحياة في المجتمع الكويتي تغيرت فلم تعد الحياة وطريقة الزواج كما السابق، حيث لم يعد الزواج اليوم كما في السابق، فأصبح الخدم في البيوت والزوجة لم تعد متفرغة لعمل المنزل، بل قد تكون موظفة كما الزوج، وأصبح الزوج أكثر عصرية وانفتاحاً ولم يعد الزوجان حريصين على الروتين الأسري أو الزوجي وأصبح كل منهما أكثر انفتاحا.
وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:

• ماذا يمثل الزواج بالنسبة للشاب الكويتي؟
الزواج شيء مهم في حياة أي إنسان ليس له علاقة بدولة محددة رغم الاختلاف بين الثقافات حول العلاقات التي بين الجنسين بين الدول المختلفة ورغم التنوع في طبيعة هذه العلاقات شرعية وغير شرعية، يبقى الزواج هو علاقة بين شريكين بطبيعة مميزة ومختلفة.
• هل من الممكن تزويج أشخاص يعانون من أمراض نفسية مثل «ثنائي القطب»؟
نعم من الممكن، لكن بشرط الوضوح والصدق بين الطرفين، فيكشف للطرف الثاني عن حالته ولا يخفيها عنها، باعتبار عملنا كمستشفى أمراض عقلية مرت علينا حالات مرضية قد يكون لها ملفات سابقة عندنا في المستشفى وقد لا يكون، ومثلا ثمة حالة كانت تعاني مرض «ثنائي القطب» ولكن بدرجة بسيطة فكانت انفعالاته بسيطة وأعراضه الظاهرة بسيطة وهو ملتزم دينيا، وينتمي إلى بيئة أسرية داعمة له، ولم يحصل على التعليم المتقدم «المرحلة الثانوية فقط» لكنه مثقف ومطلع وكثير القراءة. وهو يرغب بالزواج ويهتم بهذا الموضوع كثيرا، فقلت له بأنه يستطيع الزواج فالزواج هو علاقة متبادلة بين الطرفين، وفعلا هذا ما حصل فقد تزوج من فتاة بعد أن أطلعها على حالته واستمرت علاقتهما بشكل طبيعي.
• هل مرض «ثنائي القطب» مزمن أم وراثي يظهر منذ الولادة؟
الأمراض النفسية لا يتم تشخيصها من مرحلة الولادة بل ما بعد سن البلوغ. وبعض الأمراض تستمر مدى الحياة، ولكن تحتاج إلى متابعة طبيعة وأدوية كي لا تصل الى مستويات حرجة. وتظهر على المريض بعض الأعراض في فترة المراهقة، مثل السلوكيات الخاطئة او هروب من المدرسة وغيرها من السلوكيات السيئة، وقد يأتي المرض بعامل وراثي من أحد الوالدين، أو نتيجة موقف معين تعرض له المريض، من وفاة احد الوالدين أو حادث مؤلم أو أزمة عاطفية، وقد تصل بعض الحالات لمرحلة حرجة حيث يفقد المريض السيطرة على تصرفاته فقد يحدث أن يخرج في الشارع دون سيطرة على العقل. بسبب عدم المتابعة الطبية والإهمال الأسري.
• بعض الأشخاص يظهر لديهم المرض، لكن يترددون في الذهاب الى المراكز النفسية تحرجا من نظرة الناس لهم فما النصيحة التي تقدمينها لمثل هذه الحالات؟
المجتمع اليوم منفتح بشكل كبير جدا، وواع للتطور الحاصل في المجال النفسي، والوزارة وفرت العيادات النفسية في جميع المستشفيات الحكومية، فكل ما يحتاجه المريض هو معرفة مواعيد العيادات النفسية لمراجعتهم، والدخول إلى الطبيب دون الحاجة لزيارة مستشفى الطب النفسي، والمريض النفسي كلما تأخر في مراجعة العيادة شكل خطرا على نفسه وعلى غيره، حتى وصلت بعض الحالات إلى أن أحد المرضى قتل والدته، لأنه لا يمكن التنبؤ بسلوكه والام تظن أن ابنها لا يمكن أن يؤذيها ولا تفهم الام أن هذا المريض قد يكون مصابا بالهلوسة السمعية فسمع أصوات تدفعه لإيذاء شخص ما أو قد يؤذي نفسه. ففي احدى الحالات كان المريض يعاني من هلوسة سمعية ويريد التخلص منها فقام بضرب رأسه بالجدار للتخلص منها. ومن الأمور التي تعيق وصول الحالات النفسية إلى العيادة هو الاعتقادات الخاطئة بأن المريض يمكن أن يتحسن لوحده دون علاج، أو أن ننكر وجود حالة المرض وتفسيرها بأنها حسد أو عين أصابتني فهذا غير سليم فالعين تأتي لفترة محددة ولا تبقى بشكل مستمر أو حاد كما في المرض النفسي، فإذا لاحظنا وجود سلوك غير طبيعي لفترة طويلة لا بد من مراجعة الطبيب النفسي وعدم إنكار الحالة والتعامل مع الموقف على أنه غير طبيعي.
والفرق بين المرض النفسي والإعاقة أن الثانية تبقى دائمة ولا يوجد علاجات تجعل المعاق يعود لحالته الطبيعية، بينما المريض النفسي له مستويات قد يكون درجة المرض بسيطة يمكن معالجتها إذا تدركها المرض في فترة مبكرة، ويمكن في بعض الحالات أن يأخذ المريض العلاج ليصبح مع مرور الوقت قادرا على الحية بشكل طبيعي. كما أن بعض الحالات لا تحصل على الرعاية الكافية من الأسرة التي تهمل رعاية المريض وتتركه في المستشفى دون دعم نفسي وعناية، وهذه الأشياء مهمة جدا وتساعد في التخفيف عن المريض، كما أن بعض الحالات يوجد لها علاجات تساعد على التخلص منها مثل الاكتئاب الذي يمكن معالجته بأخذ أدوية خاصة.
• هل يمكن للشاب الكويتي تحمل مسؤولية الزواج؟
نعم بالطبع قادر، لكن طبيعة الحياة في المجتمع الكويتي تغيرت فلم تعد الحياة وطريقة الزواج كما السابق، فالزواج اليوم لم يعد كما في السابق، أصبح لدينا خدم في البيوت والزوجة ليست متفرغة لعمل المنزل، بل قد تكون موظفة كما الزوج، وأصبح الزوج أكثر عصرية وانفتاحاً ولم يعد الزوجان حريصين على الروتين الأسري أو الزوجي وأصبح كل منهما أكثر انفتاحا.
• ما سبب ارتفاع نسبة الطلاق؟
سوء الاخلاقيات في التعامل بين الزوجين وعدم الاحترام وسوء التقدير للاحتياجات والحقوق كل طرف، فنجد ارتفاع نسب الطلاق في الاعوام الاخيرة بسبب غياب المؤهلات الاخلاقية.
وليس السبب عدم القدرة على المسؤولية كما يشاع، بل بسبب الاستهتار وعدم احترام احد الطرفين الاخر، كما ان الزوج يعتبر الزوجة شيئا ثانويا كمالي بالنسبة له، وكذلك الزوجة ترى نفسها غير مضطرة لتحمل الزوج ومتطلباته، فهي موظفة وقادرة على إعالة نفسها وهي مكتفية ماديا وليست بحاجة للزوج، وتريد الخروج والعيش كما يحلو لها وتتجاهل متطلبات الزوج والاسرة، وكذلك الأمر وجود حالة التطرف الفكري والسلوكي لدى الزوج إن كان دينيا أو أخلاقيا سلبيا أو إيجابيا، وأفكار التزمت والتعصب لدى الزوج، وحرمان الزوجة من الحريات والحقوق والاحترام، والإهمال أيضا سبب يهدد الأسرة فالزوج يهمل الاسرة وينشغل بالسهر واللعب مع أصدقائه والسفرات والرحلات، والعلاقات غير الزوجية من طرف الزوج تهدد الاسرة، وكذلك عدم الاحترام من قبل الزوجة للزوج رغم أنه يوفر له كل ما تحتاجه لكنها دائما تطالب بالكثير، وهذه السلوكيات تربك الزوجة وتمنع استقرار الاسرة وترفع نسبة الطلاق، وممكن يكون تدخل الاهل سلبيا من طرف اهل الزوج أو اهل الزوجة، فالعملية هي عملية أخلاقية يلتزم بها الطرفان وتقوم على التقدير المتبادل لاحتياجات الطرف الاخر وإمكانياته.
• لماذا تبدو نسبة الطلاق اليوم أكثر من الماضي؟
قديما كان الزوج يتعسف في الطلاق، فيحكم على العلاقة الزوجية بالانتهاء لأسباب مختلفة، مثل الطبخ أو أعمال المنزل أو الخروج دون إذن أو موضوع اللبس أو الطاعة والالتزام بأوامر الزوج، ومثل هذه الامور التي كانت جدا مهمة وجوهرية بالنسبة للزوج قبل عشرين سنة تقريبا، لكن في السابق نادرا ما نرى زوجة لا تحترم زوجها مهما كان سلوكه أو وضعه الاجتماعي، بل كانت تسمع كلامه حتى عندما يكون مخطئا.
 أما اليوم الزوج أصبح أكثر انفتاحا وتقبلا لظروف المرأة وأكثر وعيا بحقوقها، وعلاقة الزوجين متطورة جدا والرجل أصبح عصريا «مودرن» وكأنهم أصدقاء لكن مشكلة عدم وجود الاحترام المتبادل بين الزوجين هو السبب في كثير من المشكلات بين الزوجين.
• ما تأثير وسائل التواصل على العلاقة الزوجية؟
طبعا وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير على العلاقة بين الزوجين وقد تكون سببا في وصول الخلافات الزوجية الى حد الطلاق، مثلا الزوجة تتابع زوجها على هذا المواقع وتراه يتواصل مع نساء أخريات فتشعر بالغيرة أو التناقض عندما يكون هو يمنعها من مواقع التواصل فتكتشف أنه يتواصل مع النساء الاخريات ولا يحترم شعورها، فهو يريد أن يعيش على هواه ويحصل على ما يحب ويشتهي ويحرم زوجته من كل شيء، والخيانة أمر مزعج جدا للزوجة وتعتبره سببا كافيا لطلب الطلاق، وقد يكون لدى الزوجة ردة فعل من زوجها الذي يمنعها من مواقع التواصل الاجتماعي فتقوم بفتح حساب باسم مستعار وتتواصل مع أشخاص آخرين كردة فعل على تصرفات زوجها، ولا تحترم شعوره أو العلاقة الزوجية التي تربط بينهما كما يفعل هو بالضبط.
• بماذا تنصحين الزوجين حول كيفية التعامل مع مواقع التواصل؟
يجب أن يوضح كل طرف وخاصة الزوج الذي لديه حساب مشهور ولديه متابعون رجال ونساء أنه ليس سيئ الاخلاق ولا يتواصل مع النساء (المعجبات) الا في اطار التواصل العملي، وليس إعجابا بهن أو اهمالا لها ولمكانتها كزوجة، وأنه لا يبادل المعجبات أي شعور أو عواطف هي من حق الزوجة، مثلا قد يتعرض الرجل إذا كان مشهورا ولديه متابعون لتعليقات من معجبات. وهذه التعليقات لا ترضي الزوجة لكن لا ذنب له فيها، او تأتي معجبة لتتصور معه، فهذه ضريبة الشهرة، على سبيل المثال يوجد اعلامية كويتية مشهورة على السوشيال ميديا ولديها معجبون بالآلاف ولكنها تبقى أماً وزوجة ملتزمة بواجباتها الزوجية، وزوجها متفهم لطبيعة شهرتها بل بالعكس هو يدعمها ويساعدها ويقدم لها الدعم النفسي، فحتى الناس الذين يريدون التعليق عليها يعلمون وضعها الاجتماعي والاسري وارتباطها بزوجها، مما يدل على التفاهم والاحترام المتبادل من قبل الطرفين.
• ما العمر المناسب للزواج؟
هذا السؤال يصعب الاجابة عنه بسبب طبيعة المجتمع، فالمجتمع الكويتي مجتمع عربي إسلامي والزواج فيه عفاف للبنت والولد، وهو في الوقت نفسه حضاري ومتطور قياسا بالمجتمعات الشرقية المحيطة به، فنحن في دولة مدنية فيها انفتاح وإذا كان لدى الأبوين قدرة على أن يكفلا الأبناء وتشجيعهم على الزواج ودعمهم ومساعدتهم عند الحاجة، مثلا الاعمار بعد الثانوية مناسبة للزواج لكن لا يستطيع الابناء القيام بمسؤولية الأسرة في هذا السن، مثلا في الماضي كانت الاسر ممتدة والابناء عندما يتزوجون يبقون تحت رعاية وكنف الآباء مما يوفر الحماية لهذه الاسرة الصغيرة الناشئة والتوعية، أما اليوم أغلب الاسر بعد زواج الأبناء يخرجون بشكل منفصل في بيوت خاصة أو حتى داخل البيت الواحد لكن في دور أو شقة من هذا البيت، ولا أعتقد أن الشاب يمتلك القدرة الحقيقية والوعي المناسب للتفاهم مع الطرف الاخر وتقبل طبيعة الحياة والقدرة على مواجهة الصعوبات حتى يصل الى سن 26 أو 27، أما البنت قد تواجه ضغوطا مختلفة عن ضغوط الشاب فاذا وصلت سن الخامسة والعشرين ينظر الناس اليها على انها عانس ومتأخرة عن الزواج، مع أن هذا من منظور علم النفس ليس هذا صحيحا لانها في هذا السن أصبحت واعية وناضجة بشكل يناسبها للزواج.
• هل يؤثر الزواج على سلوك الشاب؟
قد يؤثر الزواج على سلوكيات الزوج أو الزوجة لانهما لم يتعودا على طبيعة الحياة الجديدة، وهو أمر طبيعي لكن له حدود إذا وصل الامر الى حالة العصبية من أي شيء لا يمكن أن تستمر الحياة بشكل طبيعي، وهناك برامج لإدارة الغضب والسيطرة على الانفعالات إذا وجد الشخص أنه يغضب بسرعة أو ينفعل بصورة مبالغ فيها، أو حتى الطرف الاخر. وأحيانا يكون الزواج له أثر إيجابي على الطرفين فيتحول الشخص من حالة العصبية المزمنة قبل الزواج إلى الاستقرار النفسي والهدوء إذا وجد شريك الحياة المناسب الذي يستوعبه ويتفهم طباعه واحتياجاته. فالسلوك عدوى تنتقل بين الاشخاص فيتأثر الانسان العصبي بالإنسان الهادئ وهذا طبعا يحتاج لوقت واحترام متبادل وكأن الزوجة بلسم لزوجها واسفنجة تمتص غضبه وتخفف عنه الضغوط التي يعاني منها في العمل أو البيت.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي