No Script

أصبوحة

تنفّست الأرض

تصغير
تكبير

بدأ الكوكب يستعيد أنفاسه شيئاً فشيئاً، بعدما كتم التلوث والاحتباس الحراري أنفاسه، منذ أن بدأت وسادت الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، كانت الثورة الصناعية نتاج القضاء على النظام الإقطاعي القائم أساساً على الزراعة، وكلما تطورت الصناعة وتطور العلم، زادت أرباح أصحاب المصانع وزاد معها الجشع للمزيد، وكلما تغول الجشع وتوحشت سلطة رأس المال، سعى الإنسان لمزيد من التطور الصناعي، هكذا بعلاقة متبادلة بين الربح وتطوير الصناعة.
وأصبح الكسب وتعاظم الأرباح هو المحرك الرئيسي، وتناقصت قيمة الإنسان وقيمة الطبيعة، وتحول كل شيء في حياة الإنسان إلى سلعة، فاستثمر كل المصادر من أجل هدف الربح، بما فيها الدواء وصحة وحياة البشر، وغيّر طبيعة الكرة الأرضية فقطع الأشجار، ولوث الأنهار والبحار وتبنى سياسة التدمير على حساب التعمير، وامتدت مساحات الأسمنت على المساحات الزراعية والخضراء، واتسعت الصحارى وانكمشت الغابات، وتناقص الأوكسجين في الهواء وامتلأ ثوب الغلاف الجوي بثقوب الأوزون، وأصبحت الكائنات الحية تتنفس السموم، جراء إجرام الإنسان بحق الطبيعة وأخيه الإنسان.
وجاءت هذه الجائحة وقبلها جوائح، ولكن العالم الجشع لم يتنازل عن غريزته في النهب والاستحواذ، ولم يسخر إمكاناته لخير البشرية، بل سخرها لصناعة القتل والدمار وتجاربها تحت الأرض وفي البحار، ونشر كل مسببات الدمار الذاتي وفناء كوكب الأرض.


ومع كل ما يدعيه من تقدم وتطور وثروات حازتها الأمم، إلا أنه لم يخصص لصحة وسعادة وكرامة الإنسان ربع إنجازاته، فعندما اجتاح كورونا العالم بوجهه القبيح، لم يستطع هذا العالم الذي يمتلك أعتى أسلحة الدمار الشامل، أن يحتوي هذا المرض أو يجد له علاجاً، لأن ذلك لم يكن في سلم أولوياته، وإن وجد الدواء فهو لمزيد من الربح في جيوب الرأسمال.
بل كشف العالم الذي يدعي التقدم، أنه لم يتخلص قط من بربريته رغم كل الترسانة الصناعية الهائلة، لدرجة أن دولاً أوروبية بدأت تسرق من بعضها كقطعان الذئاب، فأميركا سرقت الكمامات المتجهة إلى فرنسا، وسرقت فرنسا كمامات متجهة إلى إيطاليا وإسبانيا، وسرقت ألمانيا كمامات متجهة إلى سلوفاكيا، وسرقت تشيكيا كمامات متجهة إلى إيطاليا، وهؤلاء البرابرة رغم وضاعة سلوكهم تجاه بعضهم، مارسوا بكل غطرسة عنصرية بدائية مقيتة، ضد الشعوب الأفقر والقارات الأخرى، رغم أن دول أوروبا والولايات المتحدة، كشفت عن ضعفها الشديد في مواجهة فيروس كورونا، فنالت النصيب الأكبر من الإصابات في العالم.
إن انسحاب دونالد ترامب من معاهدة البيئة العالمية، كان سلوكاً صلفاً ينم عن روح قومية متعصبة، وقطع الأشجار في غابات الأمازون دليل آخر على جشع الرأسمالية، وغيرها من الجرائم ضد البيئة التي تسهم في انتشار الأمراض وضعف الأجهزة المناعية.
وفي الكويت حذرنا مراراً من إهمال الجانب البيئي، والقضاء على البيئتين البرية والبحرية، بحيث أصبحنا دولة بحرية بلا سمك، وبيئة برية بلا خضار ولا طيور، وحبذا لو تستمر الحكومة في حزمها الحالي، وتمنع المخيمات لمدة سنتين، وتتحكم في مياه الصرف الصحي، لتعود البيئة البرية كما كانت، ويعود بحرنا نظيفاً مليئاً بالخيرات.

osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي