No Script

«الراي» تستعرض 3 سيناريوات للتصعيد المحتمل بين البلدين

ماذا لو انفجر الصراع الأميركي - الإيراني؟

تصغير
تكبير

1  - عقوبات وحظر

2 - ضربة عسكرية وإغلاق «هرمز»

3 - حرب إقليمية تأكل الأخضر واليابس    

  • هل وضعت الكويت  خطة طوارئ للحؤول  دون تهديد أمنها الغذائي؟  
  • الكويت أكثر الدول الخليجية تأثراً بإغلاق «هرمز»  
  • البلاد تواجه خطر  توقف تصدير نفطها  
  • أسعار المواد الغذائية ستقفز 3 أضعاف  
  • دول الخليج ستفتقر الأجهزة والمعدات والمواد الأولية  
  • تضرر أسواق السيارات والعقارات والصناعات  التحويلية وغيرها  
  • ارتفاع كبير في أسعار  التأمين والشحن 
  • الاستثمارات في المنطقة  ستتعرض إلى هزة كبرى  
  • زايد: 1000 طن خضراوات وفواكه إيرانية تستوردها  الكويت شهرياً 
  • توفير بدائل للسلع  الغذائية عن طريق البر 
  • العوضي: خط قديم  يربط الكويت بالسعودية  ويصل البحر الأحمر  متوقف منذ 30 سنة ... هل سيتم إحياؤه؟ 
  • العقوبات الأميركية  ستؤثر على 500 ألف  برميل نفط إيراني 
  • عامل محفز للأسعار  كما ترغب «أوبك»  وأميركا وشركات  «الصخري» 
  • كبشة: تدهور الوضع  وزيادة حدّة المواجهات  يهدّدان أمن الطيران 
  • التهديدات تحتم وقف وجهات واتخاذ   مسارات أخرى أطول 
  • «الكارغو» قد يكون  حلاً لاستيراد السلع...  ولكن تكلفته مضاعفة

فتح التصعيد العسكري الإسرائيلي - الإيراني الأخير، الباب واسعاً أمام سيل من التحليلات والسيناريوات في شأن أوضاع المنطقة التي يبدو وكأنها تقبع على فوهة بركان.
وإذا كان قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران، إلى جانب المجريات الميدانية على الأرض السورية، أحد الأسباب الرئيسية في اندلاع المواجهات العسكرية الإسرائيلية - الإيرانية المحدودة، فإن الخبراء العسكريين يخشون تطور هذا النزاع إلى مواجهة إقليمية شاملة قد تأكل الأخضر واليابس.
نحاول في هذا التقرير، وبناء على آراء المحللين والمختصين، فضلاً عن الاستعانة بسلسلة تقارير، رسم أكثر من سيناريو لتأثيرات تطورات التدهور العسكري (في حال حدوثه) على عدد من المجالات والقطاعات الحيوية، وعلى رأسها الاقتصاد.
يستند التقرير التالي على عدد من السيناريوات المفترضة والمرجحة من قبل الخبراء العسكريين، الذين يرى قسم منهم أن التصعيد الإسرائيلي - الإيراني الأخير سيبقى محدوداً، وسيقتصر على الحظر وإعادة فرض العقوبات الأميركية، في حين يرجح قسم آخر أن الأوضاع قد تشهد مزيداً من التأزيم والعسكرة، بما قد يؤدي إلى تبادل «لكمات» أوسع مما هي عليه بين طهران وتل أبيب، ودخول واشنطن على الخط عبر توجيه ضربات عسكرية عابرة للقارات إلى الجمهورية الإسلامية، يقابلها رد إيراني برشقات صاروخية هنا وهناك، وإغلاق مضيق «هرمز»، بينما يذهب أهل الرأي الثالث من الخبراء (الأكثر تشاؤماً) نحو فرضية الحرب الإقليمية الشاملة، وبالتالي وقوع مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران.
بيد أن القاسم المشترك بين السيناريوات الثلاثة وفق ما يجمع عليه الخبراء هو أن المنطقة العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص، وحدها التي ستدفع الثمن، الذي يتفاوت بين فرضية وأخرى.

1 - عقوبات وحظر

يؤكد المحللون أن غالبية القطاعات الاقتصادية الإيرانية ستكون متضررة بفعل عودة العقوبات الأميركية، ومنها الزراعة، والصناعة، والطيران، والسياحة، والتجارة، والنفط، والعملات، والعقار، والاستثمار...
وأشار هؤلاء إلى أن العقوبات الاقتصادية الأميركية من شأنها التأثير على نحو 500 ألف برميل نفط إيراني، موضحين أن العقوبات النفطية ستكون عاملاً محفزاً لزياة الأسعار، وهو ما ترغب فيه أميركا بالفعل من أجل زيادة أكبر عدد ممكن من منصات النفط الصخري تمهيداً للوصول إلى أعلى معدل إنتاج.
يقول الخبير النفطي، عبدالحميد العوضي، إن العقوبات على قطاع النفط الإيراني ستدفع نحو تحسّن الأسعار، بما ينعكس إيجاباً على «الصخري» الأميركي على وجه الخصوص وبوتيرة أسرع، وهو ما سيقود في فترة قريبة لاحقة واشنطن إلى رفع إنتاجها النفطي إلى تجاوز عتبة 11 مليون برميل يومياً، متساوية في ذلك مع كل من المملكة العربية السعودية وروسيا.
ولفت العوضي إلى أن هذه الزيادة ستلقى دعماً تلقائياً في ظل استمرار اتفاق «أوبك» والدول من خارجها والقاضي بخفض الإنتاج النفطي.
ويرى العوضي أن العقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة على إيران ستنعكس على اتفاق «أوبك» بصورة إيجابية، تتمثل في ارتفاع أسعار النفط، وهو ما سيسهم في المقابل برفع معدلات إيراداتها النفطية لتتغلب على مشكلات العجز في الموازنة لدولها، ودول من خارج المنظمة مثل روسيا، وهو ما ظهرت بوادره مع قرارات ترامب التي دفعت برميل النفط إلى مستوى 77 دولاراً للبرميل، ليسجل أفضل سعر منذ نحو 4 أعوام.
ولفت العوضي إلى أن حجم إنتاج إيران من النفط يبلغ نحو 4 ملايين برميل يومياً، يتم تصدير نصفها تقريباً إلى عدد من الدول أبرزها الصين، والهند.
كما أشار إلى أن تصاعد التوتر في منطقة الخليج العربي واليمن بالتزامن مع الأحداث الساخنة في سورية، ستدفع بأسعار النفط إلى مستوى 90 دولاراً.
وكان وزير النفط الإيراني، بيغن زنغنه، اعتبر في وقت سابق أن «ترامب ليس صادقاً في شأن أسعار النفط، فهو يريد أسعاراً أعلى».
من ناحيته، أظهر التقرير الخاص بشركات النفط الأميركية، أنها أضافت حفارات نفطية للأسبوع السادس على التوالي مع استمرار صعود أسعار الخام إلى أعلى مستوياتها منذ زمن طويل، مستفيدة من الحديث عن العقوبات الجديدة على إيران كونها ستحجب بعض الإمدادات عن السوق، وهو ما يعطي المزيد من الدعم لأنشطة الحفر النفطي في أميركا، ويرفع إنتاجها إلى مستويات قياسية.
وأفادت شركة «بيكر هيوز» بأن شركات الطاقة أضافت 10 حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في 11 مايو، ليصل العدد الإجمالي إلى 844 حفاراً، وهو الأعلى منذ مارس 2015.

2 - إغلاق مضيق «هرمز»

إغلاق مضيق «هرمز» الحيوي، موضوع جديد - قديم، فقد هددت طهران أكثر من مرة بإغلاق المضيق أمام الولايات المتحدة وحلفائها.
وقد أكد نائب قوات الحرس الثوري الإيراني غير مرة أن بلاده ستغلق مضيق «هرمز» الإستراتيجي، والذي تمر عبره ثلث تجارة النفط العالمية.
وفي حال حصول هذا الأمر، تبرز العديد من التساؤلات في شأن الضرر الذي سيلحق بالكويت وجيرانها الخليجيين، لاسيما وأن نسبة هائلة من صادرات وواردات هذه الدول تمر عبر المضيق المذكور، ما يعني بحسب ما يعتقد محللون التأثير بشكل مباشر على الأمن الاقتصادي والغذائي الخليجي.
وفي هذا السياق، يتساءل المراقبون عن البدائل التي تتملكها الكويت وأخواتها في حال أقدمت إيران بالفعل على تنفيذ تهديدها بإغلاق «هرمز».
ورأى المحللون أن المنطقة ستشهد «أزمة لوجيستية» حقيقية في توفير العديد من السلع الأساسية الغذائية وغير الغذائية، لافتين إلى أن تأمينها (السلع) قد يتعذر بحراً، وبالتالي فإن الحلول لتعويض النقص المحتمل ستكون أكثر كلفة، ومن أسواق محدودة بالاعتماد على النقل البري، أو بكلفة مضاعفة عبر النقل الجوي.
وذكر هؤلاء أن الكويت قد تكون أكبر المتضررين جراء إغلاق «هرمز» إذ إنه المنفذ الوحيد للصادرات النفطية والتي تشكّل المصدر الوحيد للإيرادات، في وقت تعاني فيها الدولة من عجز مالي كبير إثر هبوط أسعار النفط.
وتشير دراسة صادرة عن جامعة «بابل» تحت عنوان «مضيق هرمز: البدائل المتاحة في حال إقفاله» إلى أن اكتشاف النفط رفع أهمية المضيق بشكل كبير، ومع ازدياد كميات إنتاجه زادت أهمية المضيق.
وفنّدت الدراسة وضع «هرمز» جغرافياً واستراتيجياً، من خلال الإشارة إلى أن عرضه يبلغ نحو 55 كيلومتراً، ويصل عند أضيق نقطة إلى 34 كيلو متراً، فيما تنبع أهميته الإستراتيجية من كونه معبراً لنحو 40 في المئة من النفط المنقول بحراً على مستوى العالم.
وذكرت الدراسة أن المضيق تعبره يومياً نحو 30 ناقلة نفط تحمل ما يصل لنحو 18 مليون برميل من النفط، ويمر منه نحو 90 في المئة من النفط السعودي، و98 في المئة من النفط العراقي، و100 في المئة من النفط الكويتي، وكذلك القطري.
ولفتت إلى أن اليابان تعتمد على المضيق في وصول 85 في المئة من حاجاتها من النفط، وكذلك تعتمد كل من كوريا الجنوبية، والهند، والصين على المضيق في وصول أكثر من 70 في المئة من حاجاتها النفطية، بينما تعتمد الولايات المتحدة الأميركية عليه في وصول 18 في المئة من حاجاتها النفطية.
ويلفت العوضي إلى أن احتمالية حدوث أي توترات في حركة الملاحة البحرية بمضيق «هرمز» ستنعكس على الكويت وقطر بصورة مباشرة، وأكثر سلبية، مقارنة ببقية الدول الخليجية مثل السعودية، والإمارات، والعراق.
ونوَّه إلى أن الكويت خيارها الوحيد لتصدير النفط بطاقة 1.9 مليون برميل يومياً يتم عبر مضيق «هرمز»، وهو ما يعني أن احتمالية توقف حركة الملاحة البحرية أو عرقلتها في المضيق ستؤدي حتماً إلى تخفيض معدل صادراتها النفطية أو توقفها، وهو ما سيشكّل عامل خطر حقيقياً على دخل الدولة، في حين أن السعودية تمتلك منافذ بحرية متعددة على البحر الأحمر بعيداً عن مضيق «هرمز»، وكذلك الإمارات التي تمتلك خط أنابيب لإمداداتها النفطية خارج المضيق، وأيضا العراق لديه خط أنابيب يمر عبر تركيا.
وذكر العوضي أن هناك خطاً قديماً جداً يربط الكويت بالسعودية يصل إلى البحر الأحمر، غير أنه متوقف منذ أكثر من 30 سنة، متسائلاً «هل سيتم إحياؤه؟».
 
المنفذ الوحيد
من ناحيته، يقول خبير النقل البحري واللوجيستي، ممدوح زايد، إن «الخليج العربي يُعدّ بحراً شبه مغلق، ومضيق (هرمز) هو المنفذ الوحيد للكويت والعراق، وقطر، والبحرين، على العكس من عُمان والسعودية والإمارات التي لها منافذ بحرية خارج مياه الخليج، وبالتالي فإنَّ صلة الكويت والعراق، وقطر، والبحرين البحرية بالعالم الخارجي لا يمكن أن تقوم إلاّ عبر مياه (هرمز)».
وأكد زايد أن المضيق هو ممر تجاري إستراتيجي، مما جعله عُرضةً لأطماع الدول الكبرى، إذ يعبر من خلاله أكثر من 40 في المئة من نفط العالم، حيث يذهب هذا النفط باتجاه الشرق إلى آسيا، خصوصاً اليابان، والصين، والهند، وباتجاه الغرب عن طريق قناة السويس.
كما تنبع أهميته الإستراتيجية في منظور الجغرافيا السياسية من الثقل النفطي لمنطقة الخليج العربي بشكل عام، وهو ما دفع بعض دول الخليج إلى التخفيف من اعتمادها على هذا المضيق بسبب الأزمات السياسية التي أثارتها إيران في شأنه خلال فترات سابقة.
ولفت زايد إلى أن العقوبات وتوقف الملاحة في مضيق «هرمز» قد تنعكس سلباً على الكويت حال توقف التبادل التجاري، الذي يضم العديد من السلع التي قد تنقص إمداداتها في حال الحرب، ومن ضمنها مواد تستخدم في الأعمال النفطية، مروراً بالأعلاف الخاصة بالمزارع، ووصولا إلى السلع الغذائية من خضراوات وفواكه وغيرها من سلع ضرورية.
وأشار إلى أن شركات الحفر في الكويت تستورد مادتي «برايت» و «بنتونايت» بكميات تصل إلى 120 ألف طن سنوياً من إيران، إلا أن تلك المواد يوجد لها بدائل غير إيرانية بجودة أعلى وأفضل تأتي من الهند ويمكن اللجوء إليها حال فرض العقوبات الاقتصادية، لكن ستكون هناك صعوبة في وصولها إلى الكويت حال إيقاف الملاحة بالمضيق، ليكون الحل في وصولها إلى الكويت براً من خلال إحدى الدول الخليجية غير المتضررة من إغلاق المضيق، وهوما سيرفع تكلفتها بشكل كبير.

قطاع الطيران
بدوره، يرى خبير الطيران، كمال كبشة، أن الأوضاع التي تعيشها المنطقة في الوقت الراهن وعلى رأسها التحركات العسكرية في ظل إمكانية توجيه ضربة عسكرية محدودة لإيران أو قيام حرب أميركية إيرانية تتوزع على ساحة معركة ممتدة بمساحة دول الخليج وجوارها في سورية، والعراق، ولبنان قد تنعكس على خطوط الطيران جميعها سواء العاملة في نقل الركاب أو الشحن الجوي.
ولفت كبشة إلى أن الوضع الراهن يدفع شركات الطيران لوضع خطط تحوطية استباقية لتغيير مسارات رحلاتها لتبتعد عن أماكن النزاع المتوقعة، وذلك من خلال الالتفاف بمسارات رحلات طويلة ترفع من تكلفة التشغيل على تلك الوجهات، الأمر الذي سينعكس على أسعار الكثير من رحلات الركاب في مناطق النزاع المحتملة أو القريبة منها.
وأكد كبشة أن ارتفاع وتيرة المواجهات إلى مستوى الحرب قد يؤثر على أداء شركات الطيران الإقليمية بوقف العمل على وجهات بعينها أيضاً تجنبا لخسائر محتملة في الطائرات أو حياة الركاب، مبيناً أن هذا الأمر قد يؤدي لتغيير في خطط الأفراد فقط، إلا أنه سيشكّل عامل خطر كبيراً على شركات الطيران لجهة تراجع الإيرادات إثر توقف الوجهات، وهو ما سينعكس بصورة تلقائية وسلبية على أداء الشركات لجهة الربحية ومعدلات النمو، والتي قد تستمر لفترة ليست بالقليلة.
وذكر أن العامل الآخر الأكثر قلقاً يتمثل في رحلات الشحن الجوي، والتي قد تشهد رواجاً في حال تم إغلاق أو تقييد الحركة في مضيق «هرمز» بما يخفض حركة الملاحة البحرية ونقل البضائع الأساسية لدول الخليج، ومن بينها الكويت التي تستورد الكثير من احتياجاتها الأساسية من الخارج، اذ سيكون اللجوء الى «الكارغو» حلاً عمليا لتوفير تلك الاحتياجات جواً، ما سيرفع من تكلفتها بصورة كبيرة مقارنة بمثيلاتها القادمة عن طريق البحر، إلا أن تلك الطريقة لنقل البضائع جوا تظل مهددة أيضاً بخطر توقف العمل على بعض الوجهات ما قد تنجم عنه أزمة في العمليات اللوجيستية لنقل السلع الأساسية لتكون السعودية والأردن خياراً للكويت من خلال عمليات النقل البري التي تستغرق وقتا أيضاً.

3 - الحرب الإقليمية الشاملة

يؤكد الخبراء أن الحرب الإقليمية الشاملة ستكون فاتورتها باهظة جداً على كل دول المنطقة بلا استثناء، لافتين إلى خسائرها ستكون أضعاف مضاعفة عن تلك المذكورة ضمن السيناريو الأول والثاني (الحظر والعقوبات، وإغلاق مضيق «هرمز»)، إذ إن الفوضى لن تقتصر على قطاع دون آخر.
ويشير هؤلاء إلى الأمن الكويتي والخليجي كما الإيراني سيكون مهدداً على مختلف المستويات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والغذائية، مشددين على أن تداعيات المواجهة الشاملة ستكون غير مسبوقة، وهي تنذر بكارثة على كافة المستويات.
وتتلخص أهم الخسائر الاقتصادية وفق ما يذهب إليه العديد من الخبراء، في خسارة الإيرادات الكبيرة المتأتية من تصدير النفط الخام والغاز الطبيعي لكل من الكويت، والعراق، وقطر، وجزئيا السعودية والإمارات، والتي تشكل النسبة الأكبر من ميزانيات هذه الدول، مما سيعرض هذه الدول إلى هزات مالية كبيرة.
إن مثل هذا الإغلاق سيؤدي إلى تأثير سلبي كبير على الأمن الغذائي في دول الخليج، حيث سترتفع أسعار المواد الغذائية إلى أكثر من 3 أضعاف ما هي عليه الآن، خصوصاً في الدول التي تعتمد بشكل كلي على استيراد المواد الغذائية ولا توجد فيها زراعة، مما سيؤدي إلى ارتفاع كبير في معدلات التضخم التي قد تصل إلى مستويات غير مسبوقة ستلقي بأعباء إضافية على المواطنين في تلك الدول.
وتوقف الاستيراد من الخارج يعني أن دول الخليج ستفتقر إلى الأجهزة والمعدات والمواد الأولية عالمية الصنع، ما سيضر بسوق السيارات والعقارات، والصناعات التحويلية وغيرها من القطاعات التي لا يمكن تأمين مستلزمات استمرارها عبر المنافذ البرية مع الدول العربية أو عن طريق النقل الجوي، إضافة إلى الارتفاع الكبير في أسعار التأمين والشحن.
كما ستتعرض الاستثمارات في المنطقة إلى هزة كبرى ستؤدي إلى آثار سلبية عديدة على الحياة الاقتصادية.
وسيرتبط حجم الخسائر بطول النزاع ومدة بقاء المضيق مغلقاً، فكلما طال التوتر تعاظم حجم الخسائر وتفاقمت الأزمات.
وأكثر الدول الخليجية تأثرا ستكون الكويت وقطر اللتين تصدّران 100 في المئة من إنتاجهما النفطي والغازي عبر المضيق.
ويختصر أحد الخبراء الكثير من التفاصيل بخصوص الحرب الإقليمية الشاملة من خلال عبارة «الحرب الإقليمية ستأكل الأخضر واليابس»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن هذه الحرب في حال وقوعها ستعيد المنطقة برمتها عقوداً إلى الوراء.

الأمن الغذائي... مهدد!

يُقصد بالأمن الغذائي مدى قدرة أي بلد على تلبية احتياجاته من الغذاء الأساسي سواء من إنتاجه الخاص، أو إمكانيته على استيراده تحت أي ظرف كان.
ومن أهم وأبرز الجوانب الرئيسية للأمن الغذائي، وجود كميات كافية من غذاء مناسب من إنتاج محلي، وعلى أساس ثابت، كما يجب أن يتوافر غذاء كاف في جميع الأوقات ولجميع الناس، حتى في حالات الطوارئ والأزمات.
وفي هذا السياق، يتساءل متابعون «هل وضعت الكويت خطة طوارئ للحؤول دون تهديد أمنها الغذائي في حال إغلاق مضيق (هرمز)، وفي حال اندلعت مواجهة شاملة في المنطقة؟».
وبينما يشدّد هؤلاء على أهمية الأمن الغذائي، والاحتياطي الاستراتيجي للسلع والمواد الأساسية، يرجحون أن الجهات المختصة والمعنية لم تتخذ الإجراءات اللازمة، ولم تضع الخطط المناسبة للتعامل مع أي ظرف طارئ قد يحصل.
ونوه زايد إلى أن واردات الكويت من الخضراوات والفاكهة الإيرانية تقدر بنحو 1000 طن شهرياً في المتوسط، وحال حصول أزمة في المنطقة سيكون من الواجب البحث عن فتح منافذ استيرادية أخرى لتوفير تلك المنتجات، والغالب الأعم في ذلك سيكون عبر استيراد كميات لسدّ الطلب براً من الدول المجاورة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والأردن.

الجميع... خاسرون

نظراً للأهمية التجارية والاقتصادية لـ «هرمز»، فإن له أبعاداً استراتيجية كبيرة على المنطقة العربية، وحال تم غلق المضيق، فإن لذلك انعكاسات قد تؤدي إلى انهيار اقتصاديات العديد من الدول.
وليست دول الخليج وحدها الخاسرة في حال إغلاق المضيق، فإيران هي الأخرى من أكبر الخاسرين من غلقه، لكونها تعتمد عليه فى تصدير النفط الخام إلى دول آسيا.
إيطاليا، وإسبانيا، واليونان من أكثر الدول الأوروبية المتضرّرة من إغلاق «هرمز» ، لأنها تستورد النفط الإيراني بالائتمان، بعد أن توقّفت روسيا عن تصديره إليها بسبب تجميد اتفاق تعاون عسكرى بين البلدين (اليونان وروسيا)، ويبلغ إجمالي ما تستورده الدول الأوروبية من النفط الإيراني 450 ألف برميل نفط يومياً.

أرقام وحقائق

كيفية إغلاق «هرمز»

أشارت دراسة أجرتها جامعة «بابل» إلى أن استبعاد إغلاق المضيق بحاجز صناعي، لا يعني أن الملاحة فيه لم ولن تتعرض للتهديد والإعاقة بشكل أو بآخر، إذ إن سفناً سبق وتعرضت للهجوم وهي تعبر المضيق، ويمكن أن يتعرض غيرها للتهديد نفسه أو غيره، متطرقة في الوقت نفسه إلى أبرز أشكال وصور التهديدات الممكنة، وهي كما يلي:
1 - التلغيم: إن الألغام البحرية في المسطحات المائية من أكثر الوسائل خطورة وأسهلها في الممارسة، وذلك بسبب استمرار أثرها مدة طويلة تصل حتى 15 عاماً.
2 - الهجوم العسكري: قد تتعرض الملاحة في المضيق لهجوم عسكري أرضي أو بحري أو جوي، وتزداد احتمالية ذلك في أوقات الحرب، وإن كانت ممكنة الحدوث في وقت السلم، وقد حدث شيء من ذلك عندما قامت ايران بمهاجمة بعض السفن في المضيق أثناء حربها مع العراق، ومما يساعد على مثل هذا الهجوم انتشار الجزر حول المضيق، إذ يسهل وجودها مهاجمة السفن العابرة.
3 - التهديد عن طريق دول المنطقة المحيطة: بيّنت الدراسة أن استقراء تاريخ المنطقة وواقعها المعاصر يشير إلى أن أهم مواطن إثارة الصراع في المنطقة هي: التباين والخلافات بين الجانبين العربي - والفارسي وذلك بناء على ما بينهما من تباين فكري وسياسي قديم.

البدائل المتاحة

تبيّن التقارير والدراسات أن دول الخليج تسعى أمام معضلة إغلاق «هرمز» إلى إيجاد ممرات آمنة لصادراتها ووارداتها، تمكّنها من الاستغناء عنه إذا دعت الضرورة إلى ذلك، مثل وقوع كوارث طبيعية كالزلازل أو تعرضه لأعمال تخريبية أو قرصنة، أو نشوب نزاعات أو حروب.
وأهم البدائل والخيارات المتاحة أمام دول الخليج، هي:
- خط شمال شرق الجزيرة العربية - البحر الأحمر: أنشأته المملكة العربية السعودية عام 1982 خلال الحرب العراقية - الإيرانية، وقامت بتوسعته عام 1992 بعد حرب تحرير الكويت، ويربط المنطقة الشرقية بمدينة ينبع على ساحل البحر الأحمر بطول (1200) كلم، وتبلغ طاقته الاستيعابية 4.5 مليون برميل يومياً، كما تبلغ الطاقة التخزينية في مدينة ينبع ما يقارب 12.5 مليون برميل يومياً، بما يمكِّن السعودية من تصدير ما يصل إلى نصف إنتاجها اليومي عبر ذلك المنفذ.
- إنشاء منفذ بحري على بحر العرب عبر أراضي الجمهورية اليمنية أو سلطنة عمان.
- إنشاء منفذ بحري على خليج عمان عبر أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة.
- إنشاء خط أنابيب ضخم بين الشارقة والفجيرة بطول 100 كلم يمكن من خلاله نقل البترول بالسفن من موانئ الدول المصدرة إلى إمارة الشارقة، حيث يتم تفريغه ونقله عبر الأنابيب إلى ساحل إمارة الفجيرة على خليج عمان، ومن ثم تحميله بالسفن مرة أخرى إلى جهته دون المرور بمضيق «هرمز».
وغالبية هذه البدائل تقلِّل كلفة ورسوم التأمين والشحن، كما يمكن لهذه البدائل جميعها استقبال ناقلات النفط العملاقة.

التبادل التجاري

وفقاً لأرقام رسمية نُشرت في نوفمبر الماضي، نقلاً عن مصلحة الجمارك الإيرانية، فإن قيمة تبادلات إيران التجارية مع دول العالم بلغت نحو 61 مليار دولار خلال الأشهر الـ 8 الأولي من 2017، حيث ارتفع إجمالي قيمة التبادلات بما يقارب 4.4 مليار دولار، بمعدل نمو 8 في المئة خلال هذه الفترة، مقارنة مع الفترة نفسها من 2016.
ووصلت القيمة الإجمالية لصادرات إيران غير النفطية إلي 28.48 مليار دولار، في حين حقق إجمالي صادرات السلع الإيرانية إلي الصين ارتفاعا بنسبة 13.51 في المئة، وفي العراق شهدت زيادة بنسبة 6.51 في المئة.
وتصل حصة الصين إلى 5.7 مليار دولار، والعراق 4.3 مليار دولار، والإمارات بقيمة 3.8 ملياردولار، وکوريا الجنوبية 2.74 مليار دولار، وأفغانستان 1.84 مليار دولار.
في المقابل، تضم الدول المصدرة إلى إيران کلا من الصين بنحو 8 مليارات دولار، والإمارات بقيمة 5.7 مليار دولار، وترکيا 2.2 مليار، وکوريا الجنوبية بقيمة 1.8 مليار دولار، وألمانيا 1.7 مليار دولار.

سوق سوداء

لفت العوضي إلى أن إيران ستسعى نحو إجراءات وقائية لحماية مصالحها النفطية، قد تقوم خلالها ببيع نفطها بأسعار تنافسية في السوق السوداء بأماكن بعيدة، أو تخزين النفط في ناقلات عملاقة، وهو ما سيشكل عامل خطر نسبياً يدفع نحو تخفيض الأسعار كردة فعل، خصوصاً وأن لديها مشاريع لرفع الانتاج سواء الغاز أو النفط.
يأتي ذلك إلى جانب أن إيران قد تكون عُرضة لنقص في المشتقات البترولية مثل البنزين والديزل مما سيرفع أسعار هذه المنتجات في منطقة الخليج العربي، وتعرض دول تعتمد على استيراد البنزين مثل الكويت لرفع فاتورة الشراء بعد إغلاق مصفاة الشعيبة، وتأخر مشاريع التكرير النفطية الكبرى.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي