No Script

ثمن الفيزا وصل إلى 2500 دينار ... والتجديد بـ 650 باتفاق يتم في المقاهي

تجار الإقامات... سوّدتم وجه الكويت!

تصغير
تكبير

من شكاوى العمال لـ«الراي»:
دفعت نحو 1850 ديناراً كي أحضر إلى الكويت وحين أصبحت على أرض الواقع بات حلمي استرداد ما دفعته كي أعود إلى موطني من جديد

لم نخالف قانون العمل بإرادتنا فقد أوهمنا من باعنا إقامة العمل بسهولة الحصول على عمل

شارع الصعايدة في الجهراء وضعه المزري أصبح يمثل تعدياً صارخاً على قوانين العمل  بما يعج به من عمالة

دخلت الكويت أنا و500 غيري قبل سنتين بكروت زيارة تجارية وعندما لم أتمكن من الحصول على إقامة عمل تواريت عن الأنظار
 
تاجر إقامات لـ«الراي»:
بفضل العقود الوهمية  نحصل على أعداد كبيرة من العمال الذين نجلبهم للعمل في الكويت بعد الحصول على ثمن «الفيزا»

الاتفاق يحصل بين الطرفين بالتراضي «أنا أدخلك الكويت وأنت تبحث عن عمل دون أن تسبب لي المشاكل»

في مقابل سجل الكويت الحافل في العمل الإنساني والخيري، يطل تجار الإقامات برؤوسهم صباح مساء بأعمال تسيء إلى ملف العمالة الوافدة و«تسوّده» أمام الجمعيات الحقوقية والمنظمات الدولية.
وبين ما يتطلبه الملف من ضرورة التدخل الحكومي لتبييض صفحته مما علق بها، كي تعود البلاد إلى ما عرف عنها دائماً من مدها ليد العون لكل محتاج وباحث عن لقمة عيش، حتى وصل أعداد الوافدين فيها وفق إحصاءات رسمية ما يزيد على المليونين ونصف المليون تتناثر أحلام الآلاف منهم وتذهب أدراج الرياح بعد أن باعوا الغالي والنفيس في بلدانهم كي يحصلوا على «فيزا» دخول الكويت بلد الخير والإنسانية ليجدوا أنفسهم بين فكي تجار إقامات باتوا على يقين أنهم وراء «تلوث» سجل الكويت الناصع بعد أن رموا بهم في الشوارع، لتبدأ مطاردتهم من قبل الأمنيين ليسفر من يمسك منهم إلى بلاده، ويترك من استجلبهم حراً طليقاً يبحث عن وافدين آخرين يأتي بهم إلى «جنة الأحلام» بعد أن يبيعهم الوهم.
«الراي» قصدت أحد الأماكن التي يكتظ بها الوافدون الباحثون عن عمل يواري سوأتهم ويسدون به رمقهم ويكون ما يتحصلون عليه منه من دنانير معدودة يرسلونها إلى ذويهم دافعاً للبقاء وحافظاً لماء الوجه... المكان هذه المرة في محافظة الجهراء والمعروف باسم شارع «الصعايدة» والذي يتحول إلى خلية نحل مع ساعات الفجر الأولى بمئات من العمال من مختلف الجنسيات يفترشون الأرصفة للبحث عن عمل باليومية لسد احتياجاتهم وجلب الرزق لعائلاتهم في بلادهم، بعد أن تكلف الواحد منهم ما بين 1800 و2500 دينار للحصول على فيزا دخول الكويت، إضافة إلى نحو 650 ديناراً كل عام من أجل التجديد لعام واحد في هذه اللقاءات:

البداية كانت مع أحد العاملين وهو من جنسية عربية قال «دفعت نحو 1850 ديناراً كي أحضر إلى الكويت بحثاً عن عمل بعد أن ضاق بنا الحال في بلدي، استلفت جزءاً منه وبعت في مقابله حلياً من ذهب زوجتي، وحين أصبحت على أرض الواقع بات كل حلمي أن أسترد ما دفعته كي أعود إلى موطني من جديد بعد أن تقطعت بي السبل، وباتت فرصة الحصول على عمل مناسب شبه مستحيلة».
وأضاف «لم نخالف قانون العمل الكويتي بإرادتنا، لقد قدمنا إلى الكويت بعد أن أوهمنا من باعنا إقامة العمل فيها بسهولة الحصول على عمل، وتقاضي مبالغ طائلة تعوضنا وأهلنا على العيش الكريم، ولم نكن نعلم أن الأبواب ستسد أمامنا فنبحث عن قنوات غير قانونية للعمل، والسعي بشتى الطرق لتعويض ما تكبدناه من خسائر، ما يجعلنا نقف في وجه العاصفة نقاوم ونصارع ونهرب من مطاردينا الذين يتربصون بنا في كل مكان».
وأردف بأن «شارع الصعايدة وجراء وضعه المزري أصبح يمثل تعدياً صارخاً لقوانين العمل بما يعج به من عمالة ينظر إليها على أنها مخالفة للقانون، رغم أن الكثيرين منهم لديهم إقامات صالحة»، مشيراً إلى أن «هناك من المواطنين من أجر قسيمته بعد أن حولها إلى شقق امتلأ بها العزاب الذين أصبح عدد منهم يمثلون خطراً حقيقياً على السكان، ناهيك عما يحدثونه من مشاكل وضغط على الخدمات لدرجة تحولت معها منازل كثيرة سكناً لعمال الشركات».
من جانبه، أفاد عامل آخر من المتواجدين في شارع الصعايدة ان «الحصول على تأشيرة عمل في الكويت ليس بالأمر الهين ويحتاج إلى علاقات ومعارف يتوسط فيها أناس من نفس جنسيتهم سبقوهم إلى الدخول وباتوا خبراء بسوق العمل وأربابه، ليحصلوا على عمولاتهم ممن بيده بيع الإقامة تعوضه جانباً من مبلغ دفعه من قبل لشراء فيزا، وتعينه على شظف العيش وتدبير جزء من نفقته ونفقة عياله بعد أن بات المعروض من الأعمال قليلاً وأصبح الواحد منا لا يعمل في الشهر كله إلا أياماً معدودة».
وأضاف «المحظوظ منا في الكويت من يحصل على تأشيرة من تاجر إقامة شريف بمعنى أنه يلتزم بما اتفق عليه من مدة سريان الإقامة ولا يخونه بعد أشهر ويلغيها، ويسجل في حقه قضية تغيب».
من جهته، يقول العامل ضاحي «دخلت الكويت أنا و500 غيري قبل سنتين بكرت زيارة تجارية عن طريق أحد تجار الإقامات، وقد دفعت مبلغاً كبيراً لدخول الكويت، وعندما لم أتمكن من الحصول على إقامة عمل تواريت عن الأنظار أنا وعشرات بل ومئات مثلي ممن كفلهم هذا التاجر، واضطررنا لقبول أعمال معينة بعيدة عن أنظار الأمنيين وملاحقاتهم لنا لتعويض ما تكبدناه من خسائر وكي نرسل ما نتحصل عليه من فتات إلى أبنائنا في أوطاننا».
وقال أحد المقيمين العاملين في مجال تسليك المجاري «إنه يدفع ما يقارب 1000 دينار لتجديد إقامته كل عام ولا تربطه أي علاقة عمل بالشركة التي جلبته إلى الكويت إلا على الورق فقط أو عند حدوث مشكلة لا قدر الله».
وأضاف ان «الاتفاق مع الكفيل على تجديد إقاماتنا ودفع الأموال يتم في المقاهي عن طريق أحد المناديب الذي لديه تفويض بالتجديد والتحويل، وهذا المندوب يجلعنا نذوق الأمرين، ولا يجدد الإقامة إلا بعد أن نعطيه (المعلوم) حتى لا نخالف القانون، أما صاحب العمل فليس له علاقة بنا بل يكاد لا يعرف أحد منا».
وفي الجانب الآخر، من عملية المتاجرة بأرزاق البشر توصلت «الراي» إلى أحد تجار الإقامات، وفي لقاء داخل مكتبه الذي لا تتجاوز مساحته الأمتار الأربعة، فاجأنا بأن ملفه يحوي ألفي عامل قال «بفضل العقود الوهمية نحصل على أعداد كبيرة من العمال الذين نجلبهم للعمل في الكويت بعد الحصول على ثمن (الفيزا) والتي تختلف تسعيرتها حسب جنسية العامل».
وأضاف «قبل أن تهاجموا من تسمونهم تجار الإقامات الذين يحاولون أن يحسنوا من دخولهم، عليكم أولاً أن تبدأوا بالرؤوس الكبيرة الذين يعتبرون مثالاً صارخاً للتعدي والتجاوز»، مردفاً ان «قصص تجار الإقامات معروفة لدى الجميع بالأسماء والأرقام ولكن لا أحد يجرؤ على محاسبتهم».
وذكر «إننا لم نبتدع شيئاً جديداً ولم نفرض على أحد دفع مبلغ مقابل دخول البلاد، ولم نعد أياً ممن جلبناهم بعمل نظير ما دفعه لنا، كل ما في الأمر اتفاق يحصل بين الطرفين بالتراضي، مقتضاه أنا أدخلك الكويت وأضمن لك الإقامة فيها، وأنت تبحث عن عمل دون أن تسبب لي المشاكل، وإذا أردت التجديد قبيل انتهاء الإقامة تدفع مقابل ذلك، وهنا أتساءل أين المشكلة في مثل هذا الاتفاق ما دام كل طرف يلتزم بما اتفق عليه؟!»، قائلاً «لو نظرنا للأمر من زاوية أخرى، فيمكنني القول إنني عن نفسي أوفر وافدين للسوق المتعطش للعمالة، ولو فرضنا جدلاً سحب هذه الفئة من سوق العمل فسيعود بشكل سلبي على المواطن نفسه الذي سيتكبد ارتفاع أجرة العامل».

«القوى العاملة» تقاوم التحايل

أكد مصدر مسؤول في الهيئة العامة للقوى العاملة سعي الهيئة لمقاومة تحايل تجار الإقامات من خلال تطبيق معايير العمل الدولية والتطوير الإداري الذي يهدف لحماية العمالة.
وأفاد بأن القوى العاملة أصدرت وعدلت العديد من التشريعات، والتي كان آخرها تغليظ العقوبات على الاتجار بالبشر، مشيراً إلى أن الكويت في الوقت نفسه وقعت العديد من الاتفاقيات الرامية لحماية العمالة والحفاظ على حقوقها ومكتسباتها، وتم افتتاح مركز إيواء العمالة الوافدة لتقديم الخدمات الصحية والنفسية والقانونية لهم.

 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي