No Script

بوح صريح

عقل القلب وقلب العقل

تصغير
تكبير

هل الذين يرحلون يأخذون معهم شيئاً من روح العالم ووهج الحياة.
هل أدركوا الحقيقة وبلغوا الضياء وعرفوا أن منبت الزهر في الروح لا في التربة، وأن من كان ملائكياً ثم قاد الثورة الأولى، غدر به الصواب و انقلب عليه كل صحيح نادى به.
هل أدرك الذين رحلوا كل الأسئلة، ولم يكبروا على اللعب لكن نضجوا على الأجوبة.


وأن القلب أكل جفنه لذا لا ينام. والمرايا جدران والجدران مرايا، والأبواب فجر يقود إلى حدائق غناء كالجنة.
وأن القصائد تتصارع بنعومة في الديوان الواحد ولا يفوز أي منها.
وأن في لحظة ما قبل الموت، يمكنك سماع ورؤية كل شيء صافياً و واضحاً، حتى تكاد تظن أنك تعيش للتو.
هل حدثك الذي يرحل - قبل رحيله - عن بلاغة الروح وبراعة العقل ونشوة الصعود، هل أخبرك أنه لابأس أن تكون بلا مساوئ، و أن سكين الغربة تذبح ليس ببقائك أو ذهابك، لكن بمبادرته بعد حين.
الذي يشير لقلبك ويخبرك أنه بصيرة سامية، وأن الفم يأذن للروح أن تتبع خيط النجوم وتقرأ للقمر فلا ينام.
وأن الطير الذي ولد في القفص، يدرك أن الحرية رفاهية والأجنحة أسطورة والفضاء خيال.
والطير الذي على الشجرة، يظن أنها أمه، فإن قطعت صار يتيماً وكف عن التغريد، وأن العنكبوت الذي بقي يتحرى عودتك وبنى له بيتاً في الزاوية شوقاً بانتظارك، كان يظن أنك صديقه قبل أن تهدم بيته وتقتله بضربة خاطفة.
وأن العزلة... العزلة بحق تجعلك ترى نفسك في الجدران، حين يتحول كل ما حولك إلى مرايا و زجاج.
وأن للعقل قلباً وللقلب عقلاً.
أما قلب العقل فيجعله متوازناً فلا يتعصب أو يلين، وعقل القلب يجعله متزامناً، يحب باعتدال ويعطي بميزان فلا يبذر أو يبخل.
لذا كذبوا علينا في المدارس والحياة، فلا معنى لصراع العقل والقلب المعتاد، لو أدركنا قوة كل منهما وفهمنا القلب في العقل والعقل في القلب، أدركنا معنى التناغم والتناسب ولأصبحت الحياة أسهل بكثير.
يقول شيريل ايروين: (القصص، قصصنا. بينما قصص الآخرين هي المعنى الذي نعطيه لحياتنا).
يقولون (إن ما يحدث لنا ليس مهماً بقدر ما نقرره بشأن ما حدث لنا. أيّ أن المعنى الذي أعطيناه لتجاربنا الأولى، أهم من وقائع ما حدث لنا.)
أي المسألة هي كيف ترى تجاربك، والمعاني والحكم التي تستخلصها منها؟، فذلك هو ما يصنعك ويقرر مصيرك ويشكل هويتك.
لذا لا تدع أي تجربة تمر عبثا. تأمل. حلل. تفحص وتعلم الدروس جيداً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي