No Script

حديث القلم

أفيقوا... فصوت الحق أعلى!

تصغير
تكبير

محاربة الفساد لا يمكن أن يتحقق بيوم وليلة أعلم ذلك، لأن الفساد بذاته لم يقم بيوم وليلة، بل كان الفاسدون بحاجة إلى سنوات وسنوات حتى يتمكنوا من بناء امبراطوريات الفساد، وقد ذكرت في مقال سابق قبل سنوات عدة، بأن جميع مظاهر الفساد مرجعها أخلاقي بحت، فمَنْ يتحايل على الدولة ويحصل على خدمة أو أي شكل من أشكال المنافع المادية الصغرى، أو مَنْ يسرق الملايين، كلاهما فاسدان يعانيان من المشكلة الأخلاقية نفسها، وقد دفعتهما أخلاقهما السيئة لاستباحة وانتهاك المحرمات في الشرع والقانون.
حينما يتم الكشف عن أي قضية فساد كبرى اليوم، يقف البعض مبدياً استغرابه الشديد، خصوصاً وأنه يرى شخصيات وأسماء معروفة تتهاوى في مستنقعات الفضيحة والشبهات، ولا غرابة في ذلك إطلاقاً بالنسبة لي، فما يحدث اليوم وما ستكشفه الأيام المقبلة، ما هو إلّا نتاج طبيعي لأوضاع كانت قائمة قد بُنيت على الباطل من جهة، والعلم بسوء الشخوص وتجاوزاتهم والتغاضي عنها، من باب المحسوبية أو من باب الإرضاء وتبادل المصالح من جهة أخرى، والفاصل الوحيد بين هذا وذاك، هو انتفاء السرية وتحول الأمر إلى فضائح جنائية للعلن والصحافة والرأي العام.
أما قضية النواب الذين تدور حولهم بعض الشبهات، فلا يتحمل مسؤوليتها النائب المشتبه به وحده فحسب، وإنما هي مسؤولية جمهور الناخبين الذين كانوا على علم بسوء أخلاقه، ولكنهم باعوا أنفسهم وبلادهم نظير الحصول على واسطة تعيين أو نقل أو ندب أو علاج في الخارج، وبالتالي فإن نظرتهم الضيقة التي لم تتجاوز الحصول على منفعة شخصية مباشرة، دفعتهم لانتخابه وإخراجه لنا على هيئة ممثل للشعب، كان من المفترض أنه يمارس أدواراً محددة خطها دستور 62، إلّا أنه لم ولن يقوم بأي منها، لأن وجوده في مجلس الأمة لا يرجى منه أي شكل من أشكال الرقابة أو التشريع، ووجوده يقتصر على استفادته الشخصية وتحقيق الثروة بغض النظر عن الوسيلة، والتكسب الانتخابي لضمان البقاء والاستمرار والفوز مجدداً بأحد المقاعد العشرة في دائرته الانتخابية.
كل قضية فساد يتم الكشف عنها تسعدنا، بل وننتظر كشف المزيد والمزيد، حتى تخف وطأة الفساد عن كاهل بلادي، فكشف الفساد يرمم في داخلنا جدران الثقة ويوقف نزيف التفاؤل، ليعيد لنا الأمل ويمكننا من مشاهدة المستقبل بشكل أفضل كما نرجو ونتمنى.
أفيقوا... فصوت الحق لا بُد له أن يعلو، أفيقوا... فلا ديمومة للفساد والحق أبقى ، أفيقوا... انتصاراً لبلادكم ومستقبل أبنائكم.

وخزة القلم:
يقول أحد الشعراء:
يا صاحبي راق الفسادُ لمَنْ رأوا
وجه النزاهةِ بعدُ لا يتجهّمُ
كم قصةٍ وقضيةٍ ضاقت بها
آمالنا منها بها تتألمُ
وبها كفاءاتٌ بزيفٍ هُمّشت
فمضت تجرجرُ عزمها وتلملمُ
فمتى الشريفُ بهمةٍ وعزيمةٍ
يحمي حماها حينما تتظلمُ

@maralazemi·
Jan 16
twitter: @dalshereda

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي